موضوع: الدرامة العربية في رمضان 2013 بقلم جهاد أيوب الجمعة أغسطس 02, 2013 5:45 am
قلق وشجار وحزن وواقعية في السوري وصراخ وعنف وغير واقعية في المصري
دراما شهر رمضان 2013: مشاركات عربية فنية وانتشار محدود
· غياب الإعمال الدينية وحضر التهكم وأخذ الثأر في نقد الإخوان والتطرف الديني
· "سنعود بعد قليل" و"لعبة الموت" الأفضل و"صبايا" وغالبية الكوميديا المصرية الأسوياء عربياً
· " الأرض الطيبة" عمل تركي إرهابي نقلت أحداثه الإجرامية التكفيرية إلى سورية وليبيا ومصر وأحيانا في لبنان !!
· ارتجال ممجوج وحركات صبيانية و إضحاك بالإكراه في بعض الكوميديا المصرية والخليجية
· سقوط مدوي لـ عادل إمام في "العراف" ولا بد من الاعتزال!!
· "قيامة البنادق" عمل كبير وتاريخي حساس في يد الصغار فنياً!!
· شخصية البطل أدهم خنجر ظلمت نصاً وتمثيلاً كما ظلمت في حياتها ومقاومتها واستشهادها وسيرتها!!
· استنجاد بثنائيات نجوم الصف الأول في الخليجي واللبناني تكملة عدد ولرفع العتب!!
· تميز وإتقان وجذب وبراعة للممثل اللبناني في أعمال غير لبنانية!؟!
بقلم ||جهاد أيوب
تخوض الدراما العربية في هذا العام معركة إثبات وجودها متحدية المآسي التي تعيشها على أكثر من صعيد خاصة في الإنتاج والتوزيع والفوضى السياسية والوطنية والاجتماعية التي تمر بها دول عربية تعتبر الأهم في الإنتاج الدرامي، وتحديداً سورية ومصر والخليج، أما ما تبقى من دول عربية فكانت تنتج لرفع العتب، أو فذلكة وتكملة عدد كما هو حاصل في الدراما اللبنانية التي تميز نجومها وأبدعت في أعمال غير لبنانية!!
ولا خلاف على ان الواقع السياسي ينعكس سلباً أو إيجاباً على النتاج الفني على عكس النتاج الأدبي، فهذا الأخير يدور في فلك الرأي والذات، ولم يعد للرأي أي اعتبار في العرب ما بعد ربيعها المتخم، ولا أهمية للذات في أن تعيش بكرامة وحرية بعد جنون التعصب الديني، واستسهال الثورات والقيادة والحكم، كما أن الأدب لا يكترث للانتشار الشعبي ولا يرفضه إن حصل، هو ينطلق من المشهدية الذاتية المحكومة بالتجربة والحرية، والأول أي النتاج الفني يصاب بجرثومة التكلفة المادية الكبيرة، والكل يرغب بالانتشار والجري في سباق الأفضلية والشهرة الشعبية لكون الإنتاج الفني ينطلق من حركة شارع والمجتمع، ولا يكترث لحرية النخبة وللحرية المفتوحة بقدر اهتمامه بتسويق عمله ضمن ضوابط البلد الأخر وتحديداً شروط السعودية والخليج أي حسب السوق نسوق فمثلاً رفضت بعض دول الخليج "قيامة البنادق" لأسباب تتعلق بالمقاييس الفنية التي وضعتها قناة "المنار" من حيث الضوابط الشرعية، فالرفض جاء بسبب كثرة الحجاب، وبسبب حجاب يشبه طريقة حجاب طائفة معينة تسكن في جبل عامل، أي لم يكن الرفض لجودة العمل الذي كلف أكثر من مليون ونصف المليون دولار، أو لضخامة نتاجه وخطورة فكرته الحقيقية وأهمية المرحلة التاريخية أو العكس، أي تحكمت بالرفض أمور سياسية وطائفية متطرفة ليس أكثر، وهذا ما أصاب العديد من الأعمال السورية بحجة أن فريق المسلسل مع سورية وأخر مع الجماعات التي تقاتل الدولة في سورية !!
من هنا لا بد أن نقول أن الواقع السياسي يضاف إليه التعصب المذهبي انعكس على الواقع الاجتماعي مما أثر مباشرة على الإنتاج الفني بكل مفرداته وأنواعه وتفاصيله، وهذا ما حصل في الدراما العربية بشكل عام وحدد انتشارها وبيعها، وحتى يتم جذب المشاهد تم الاستعانة بالثنائيات الفنية من صفوف نجوم الصف الأول للمشاركة في عمل واحد، ومنها عودة حياة الفهد وسعاد عبد الله، وعبد الحسين عبد الرضا وناصر القصبي، عادل إمام وحسين فهمي...كما أن الاستعانة بنجوم من غير البلد في المسلسل الواحد كانت منتشرة وواضحة ففي الكثير من الأعمال المصرية والسورية كان هنالك مشاركات لبنانية وأردنية وتونسية وعراقية وخليجية وفلسطينية، والعكس صحيح أمثال "محال"، و "يا مالكاً قلبي"، و "قيامة البنادق"، و" سنعود بعد قليل"، و"العراف"، و"حكاية حياة"و "حدود شقيقة" و"لعبة الموت"، و "منبر الموت" ، و"صبايا 5" .
غياب الديني والشامي حضر بخجل
ومن اللافت أيضاً غياب الإنتاج الديني حيث كثر في السنوات الماضية بشكل لافت قبل ما يسمى ربيع الإخوان والسلفية في البلاد العربية إلى جانب الدراما التركية المدبلجة، ونذكر " الأرض الطيبة" عرضت منذ سنتين بمرافقة حملة إعلانية إعلامية مخيفة ، وتبين أنها تزرع الفتنة وتسهل الإرهاب، وابتكار أساليب القتل دون حرمة وخصوصية، ونجحوا في زرع ذلك عربياً، وهو عمل تركي إرهابي ما حدث فيه ترجم اليوم في سورية وليبيا ومصر وأحيانا في لبنان، والأعمال الشامية حيث الحارة والزعيم وأبو عنتر للفت النظر إلى التقوقع وتضييق مساحة المواطن في بلاده وعمارته، والنقاد اعتقدوا بعد تسلم جهات وحركات دينية الحكم خاصة حكم الإخوان في مصر، والفتن الدائرة في العالم العربي كسورية التي تتبنى السلفية النضال فيها، اُعتقد أن يزيد الطلب على الإعمال الدينية، ولكن النتائج عند المنتجين جراء متابعة نبض الشارع كانت مختلفة كلياً، صحيح حقق بعضها لغطا العام الماضي كـ مسلسل " عمر" و" الحسن والحسين"، ورغم الميزانية الإنتاجية الضخمة لم يحققا الانتشار، البعض يعيد الأسباب إلى القراءة الطائفية للأعمال الدينية أي كل يقدمها كما تشتهي مرجعية طائفته وخط سياسة نظامه دون الاكتراث إلى حقيقة الحقبة من جهة التاريخ، وفي المقابل كثرت الأعمال المباشرة من خلال تجسيد حركات ومواقف بعض المتشددين دينيا في أعمال درامية وتحديداُ في المصري أي تصفية حسابات مما أوقعها في الخنوع والفوضى المشهدية والتهكم ومنها "نظرية الجوافة" لـ إلهام شاهين، تأليف وإخراج مدحت السباعي، و"الداعية" تأليف مدحت العدل، إخراج محمد جمال العدل حيث سخر من التطرف الديني بشكل مقزز، كان واضحاً التهكم وأخذ الثأر من الإخوان، بينما في السوري كانت اللغة المباشرة واقعية غير مزعجة لكونها نقلت ما يحدث، وخير دليل على ذلك " تحت سماء الوطن" لـ نجدت أنزور!!
الكوميدي
أما الأعمال الكوميدية فحدث ولا حرج، ورغم كثرتها وحشو عدد كبير من النجوم المشهورين في العمل الواحد الذي اعتمد على تشكيلة منوعة من فناني أكثر من وطن في عمل لم تكن شاده، ولم تلفت أو تترك بصمة معينة، فهي تكرار وصراخ، وارتجال ممجوج، حركات صبيانية، وإضحاك بالإكراه ومشاركات غير مفهومة وهذا ينطبق على معظم الأعمال الكوميدية المصرية وبعض الخليجي الساذج إلى حدود التفاهة، بينما السوري باستثناء "صبايا 5" فهو عمل ممجوج وساذج لا يصلح للعرض لا شكلاً ولا مضموناً ولا كتابة ومن شارك من نجماته القدامى أصبحن كبيرات على أعتاب العجز رغم الماكياج الفاضح وعمليات التجميل، وباقي الكوميدي السوري فيه جرعات جميلة ومنها "فتت لعبت" و"حدود شقيقة" صور في الهرمل اللبناني، واستطاع أن يلتقط أجمل المناظر في الريف اللبناني، بطولة باسم ياخور، و ليليان نمري طارق تميم ومجدي مشموشي وبرناديت حديب و غابريل يمين، عمل مضحك وشيق فيه جرعات مدروسة من كوميديا الموقف مع إسقاطات سياسية غير مباشرة، العمل تطلب كاركتيرات من الصعوبة تجسيدها، وأغلب فريق العمل أداها برشاقة خاصة مجدي مشموشي، كما أن ليليان نمري اجتهدت وتميزت ولا أعلم سبب تقليص مشاهدها رغم أن الشخصية ثرية وتفيد العمل وتغنيه، ولمصلحة نجاح العمل أكثر كان الواجب دعم الشخصية بحوارات أساسية أكثر... واللافت الأزياء المدروسة والمقنعة والديكورات المكملة للحدث... وكان الأهم عربياً إعادة عرض المسلسل المميز " عائلة 5 نجوم" محققاً نجاحاً ومنافسة على العروض الجديدة!!
فمثلاً خليجياً يكفي الاستخفاف بالمشاهد والمال بمجرد مشاهدة حلقة من "لولو ومرجان 2"، و "زمن لولو"، ربما "قرمش" لو قدم بطريقة مدروسة مع تدعيم البعد الدرامي لكانت النتيجة أفضل.
أما المصري "الرجل العناب" فالمبالغة مضحكة على زمن لا نتعلم فيه أن الجمهور تغير، و "الكبير قوي" فلم يكن بمستوى الأجزاء السابقة، و" أحلى أيام" تهريج غير مدروس وفوضة في الأحداث والأداء...البعض يعتبر عدم نجاح الكوميديا المصرية لهذا العام يعود إلى أحداث مصر و جديدها السياسي الحدث وسرعة تنفيذ الأعمال على نهج إضحاك الناس كيفما كان!!
السوري
عانت الدراما السورية التي شكلت في السنوات العشر الأخيرة ريادة ومنافسة مشهودة وواجهة مشرقة للفن التلفزيوني العربي، عانت هذا العام من مرض " مع وضد"، مرض خطير أصاب الوطن الأم، فقد فرض العمل في ضل انقسامات سياسية وصلت إلى المذهبية التي حبست بعض الأعمال في الأستوديو حيث لوحظ عدم استغلال الطبيعة كما عهدنا في الدراما السورية، إلا أن نخبة مسؤولة من الفنانين السوريين تنبهوا إلى كارثة الحدث فقرروا نقله كما هو مع أبعاد درامية كي تخدم قضية الانتماء إلى الوطن أو إلى التطرف، لذلك ظهرت حزينة قلقة وشجار مشاهدها لافتة وواقعية ملموسة، والحزن العميق بان في حركة وعيون وأداء أغلب الممثلين حتى في صناعة الأعمال الكوميدية، ومع ذلك استطاعت التغلب على فوضوية وعشوائية الفكر الذي أصاب بلدها والمنطقة والكتابة رغم صعوبة عملها، وذلك من خلال خوضها في الحدث وشجونه وأثقاله على المواطن مباشرة دون أي إزعاج للمتلقي وعدم الهروب إلى الخلف أو إلى الإمام كما حدث في الدراما المصرية واللبنانية والخليجية.
وغابت الأعمال الشامية ليحضر بعضها بخجل، ورغم قلقنا ودهشتنا من نجاح ودعم نمطية معينة كـ "باب الحارة"- عرض سابقاً - وتوابعه بشكل منهجي عرفنا سر ذلك بعد أحداث مصر وسورية، إلا أن "البرغوث 2" كان مختلفاً ولافتاً رغم تغيير جذري لأبطاله، غابت الأعمال الشامية لصالح ما تيسر للأعمال المعاصرة والمنطقية، وهذه خدمت أغلب الإنتاج السوري الواقعي!!
ودخلت الدراما السورية إلى أرض المعركة متسلحة بالمواطن وصوت الناس الغلابة ممن يرغب بالعيش بكرامة، وهذا فرض على المشاهد العربي والسوري المريض بـ" مع وضد" حب التطفل فأهتم لها وتابعها وناقشها، ومنها " سنعود بعد قليل" لـ المتميز دريد لحام والمخرج المبدع الليث حجو، بطولة كارمن لبس وباسل خياط وقصي الخولي وسلاف معمار وكندة علوش ونادين الراسي وبيار داغر وتقلا شمعون..، عمل نقل مآسي هجرة عائلة سورية داخل الوطن وخارجه "إلى بيروت" بشفافية ومصداقية تعبيرية لافتة، وشبه إجماع على أن هذا العمل من أنجح أعمال رمضان هذا العام، يستحق المتابعة لنتعلم منه الدروس كي لا نعيد خراب بلادنا، ويجاريه " تحت سماء الوطن" لـ صوت قضايانا و الجريئ المخرج نجدت أنزور، و"منبر الموت"، و" حائرات" كتبها أسامة كوكش وأخرجها سمير حسين، وقد أدخلوا واقع ما يحدث في القصة التي كتبت قبل الحدث، فجاءت منطقية بأداء معبر.
و" لعبة الموت" كتابة ريم حنا والليث، وإخراج الليث حجو وسامر البرقاوي، بطولة سيرين عبد النور، وعابد فهد ونبيل عساف ويوسف حداد وندى أبو فرحات عن فيلم ( Sleeping with The Enemy 1991 ) عمل مشغول بحرفة المغامرة.
" الولادة من الخاصرة 3" تأليف سامر رضوان وإخراج سيف الدين السبيعي، وقد دخل العمل ارض الواقع بشفافية و إتقان ودراية لحساسية المكان، أداء متميز لفريق العمل، وقصة منطقية لا ملل ولا تكرار بأحداث متلاحقة تتمة لنجاح الأجزاء السابقة بتفوق ليس أقلها، يكفيه أنه تناول الواقع السوري الحالي بذكاء.
و"في قلب اللهب" أخر أعمال النجم المخضرم الراحل خالد تاجا، إخراج محمد زهير رجب، عمل اجتماعي هادف، ينقل تجارب وحالات الطبقة المتوسطة في المجتمع، وهذه الطبقة مقبلة على الانفلات الاجتماعي وتغيرات جذرية، و " سكر وسط" ربما العمل الوحيد الذي شاهدته هذا العام للمبدع المسؤول عباس النوري والمجتهدة صباح الجزائري ونديم تحسين بيك، ومن إخراج المثنى صبح، العمل تحفة في الأداء وفي لعبة الإخراج، ربما ظروف التسويق ظلمته، وبعد الشهر الفضيل سينتشر بشكل أكبر وأهم، و"ياسمين عتيق" تتألق به سلاف فواخرجي إلى جانب غسان مسعود ومنى واصف، عمل له خصوصيته التاريخية مشغول بحرفة عالية سيقطف شهرة أوسع بعد شهر رمضان، عمل كبير يتطلب التفرغ في متابعته وذلك لمتعة المشاهدة في الأداء والديكور والمناظر والألوان والأزياء.
"فتت لعبت" كوميدي ممتع لفريق "أيام الدراسة" عمل فيه الكثير من المتعة والضحكة غير المصطنعة التي تخرج من القلب، كذلك " سوبر فاميلي" كوميدية هادفة مشغولة بدقة الطرح والموضوعية.
المصري
لم تتعلم الدراما المصرية من تجربة الدراما اللبنانية التي سبقتها في الانتشار العربي والإنتاج إلى حين حدوث الحرب الأهلية وحروب التزعم العربي، والتصفيات الغربية على أرض لبنان "1975"، فهذه الدراما هجرت أرضها وأناسها وقصصها وخاطبت الافتراضي لكونها تخاف مواجهة الحقيقة، ولم تواجه الواقع بسمومه العنصرية والطائفية، وعاشت كذبة أعمال مخملية وقصص هجينة عجيبة وقصص العصابات والمخدرات علماً في زوايا كل شبر من لبنان قصص صالحة للدراما، أي هربت إلى الأمام فوقعت في التخلف ألمشهدي حتى كادت تختفي عن المنافسة، وهذا الحال وقعت به الدراما المصرية هذا العام رغم بعض الأعمال الشاذة عن هذا الخط،ومنها "الداعية" بطولة هاني سلامة حيث تطرق إلى طبيعة ما يحدث في مصر لكنه طرحها بركاكة وسذاجة،و منها من عالج قضايا غير منطقية في لحظة الوطن على شفير الحرب الأهلية كـ "العراف" لـ عادل إمام، هذا العمل دل على سؤ اختيار عادل الذي هرب من المواجهة، وجاءت النتيجة مربكة ومضحكة وساذجة غير مقنعة وتحديداً في أداء عادل، هذا الفنان علية التواضع أكثر في لجم البطولة المطلقة فالعمر لم يعد يسمح له بالتصابي، كما أن حركة تأثير وجهه لم تعد تسعفه أو لم يعد يتحكم بها كما لو أجرى عمليات تجميل وشد، على عادل إمام معرفة لحظة الاعتزال القريب فبعد سقوط عمله العام الفائت " فرقة ناجي" والاستخفاف بعقول الناس سقط هو مع "العراف" بالضربة القاضية على نجومية لا تدوم، وقدم أوراق نهاية خدماته.
وشهدت المصرية غياب يحيى الفخراني لأول مرة عن منافسة رمضان، وعودة محمود حميدة بعد 23 عاماً من الغياب عن التلفزيون من خلال " ميراث الريح" والنتيجة متواضعة، و " الشك" لـ رغدة وحسين فهمي كان أكثر واقعية، وفيه جرعات من الطرح المقبول ولكننا شعرنا كما لو نفذ بعجالة وسلق!
كما تخلي جمال سليمان عن تقمص الصعيدي إلى المعاصر في "نقطة ضعف" مع رانيا فريد شوقي، وهالة فاخر، تأليف شهيرة سلام وإخراج أحمد شفيق، وهذا العمل كثرت فيه النجوم وقل فيه التميز فمر مرور الكرام.
واستمرت ليلى علوي في استغلال اسمها من خلال "فرح ليلى" إخراج خالد الحجر رغم ركاكة الحدوتة والسيناريو، والإخراج المتواضع، كما استمر صلاح السعدني في خوض غمار المنافسة ولكن، وذلك من خلال "القاصرات" تأليف سماح الحريري وإخراج مجدي أبو عميرة وبطولة داليا البحيري، يعود السعدني متصابيا غنيا يحب البنات بعد فشله العام الفائت في "الأخوة الأعداء"، العمل لم يكن بمستوى الطموح!!
أما نور الشريف، وهو قيمة فنية مثمرة ومع ذلك لم يوفق بالعودة إلى شخصية الصعيدي "خلف الله" بعد عدم نجاحه في العام الفائت في " عرفة البحر"، كان على نور التروي ودراسة التجربة وتغيير النمطية التي أصبح يكررها في كل أعماله، هو مسجون بـ "جلباب أبي"!!
أما يسرا فالحديث عنها يطول فقط نكتفي أنها وخلال حكم مبارك كل أعمالها التلفزيونية كانت تقحم فيها حركة النظام إيجابياً وكانت أعمالها بوقاً مزعجاً، واليوم قدمت "نكذب لو قلنا ما بنحبش" إلى جانب رفيق علي أحمد ومصطفى فهمي وورد الخال، النتيجة لم تكن مشجعة فالخط الدرامي مشوش بحبكة ضعيفة أضاعت جماليات الحدوتة، أما الإخراج فبرع في التقاط وجوه الممثلين المنهكة...يكفي أن أحد أبطال العمل صرح بأنه قبل الدور لقلة العمل وإلى حاجته المادية، فالمسلسل ضعيف وساذج!!
وقد تكون عودة الفوازير مع محمد هنيدي مفاجأة " مسلسليكو" تأليف أحمد بهجة قمر، وإخراج أحمد مهدي، إلا أن الشارع المصري كما كتبت صحافتها لم يتقبل التجربة بروح مبتسمة وبشغف، ربما الوضع السياسي والعام أثر على الناس فقرروا التفرغ لبرامج السياسة بعيداً عن الأعمال الفنية الاستعراضية، العمل إنتاجياً وضعت له ميزانية ضخمة، وفنياً كان موفقاً خاصة في استخدام تقنية ثلاثية الأبعاد والإبهار، والغرافيك المتقن، والاستعراضات، ولكن كمية سماكة الماكياج على وجه هنيدي كانت مخيفة!!
بشكل عام ظهر الممثل المصري في هذا العام مربكاً تائهاً لا يعرف الاختيار ولا التواصل مع حركة المشهد في بلده، وحالته لا يحسد عليها، لذلك ندعوه إلى عدم الهجرة والمجابهة في نقل الحدث الواقع برؤية درامية كانوا سابقاً يعرفون استغلالها!!
ما تيسر في اللبناني
الأعمال الدرامية اللبنانية كانت لرفع العتب، ربما اكتفت بمشاركة نجومها في أعمال عربية أخرى، وللحق "قيامة البنادق" أنقذ سمعة الدراما اللبنانية رغم ملاحظاتنا على العمل، أما "العائدة2" تأليف شكري أنيس فاخوري، وبطولة كارمن لبس جاء كنسمة عابرة لم نشعر بها مطلقاً، ونظراً لتواضع الجزء الأول كان الواجب الاستغناء عن الجزء الثاني.
"قيامة البنادق" بتكلفة 1.5 مليون دولار تأليف محمد النابلسي وإخراج عمار رضوان، أقيمت له مبان ومنازل خاصة تخدم المرحلة والفكر، بمشاركة نخبة من ممثلي لبنان وسورية وفلسطين وصل عدد المشاركين فيه إلى 150 ممثلاً منهم: عمار شلق ومجدي مشموشي وأحمد الزين، وباسم مغنية، بيار داغر، ونعمة بدوي، وجان قسيس، عمل جاد يتحدث عن حقبة مقاومة الاحتلال من العام 1912 إلى 1926، برسالة تاريخية يجهلها أهلها في لبنان، هو حكاية المجاهد أدهم خنجر، وثورة أهل جبل عامل، وحكاية رموز مشرفة كـ صادق حمزة وملحم قاسم وسلطان باشا الأطرش والسيد الإمام عبد الحسين شرف الدين ضد الظلم والاستعمار من العثماني إلى الفرنسي والبريطاني، وقد قطفت قناة "المنار" النجاح من خلال عرض هذه الحقبة المهمة من تاريخ العرب المجهول، العمل عانى الكثير من الخلل الفني كان باستطاعة المشرفين عليه تخطيها، ولكن استسهال العمل الفني يوصل لسذاجة الطرح والتنفيذ، فاللهجة لا علاقة لها بأهل الجنوب وجاءت بيروتية وجبلية وبقاعية وأحيانا نصف الجملة جنوبية، الملابس مقحمة إقحاماً ولم تراع تلك المرحلة خاصة في ارتداء الحجاب الحديث والمعرق، بينما في تلك المرحلة كان المنديل والربطة من تحته هما الأساس، إضافة إلى أن اللون الأبيض والأسود والبني والبيج الأكثر استخداماً أنذاك.
أما أداء المشاهد فكانت مضحكة في بعضها، ركاكة في النص والتجسيد، وغياب الكادر الذي يخدم المشهد، ربما كان هم المخرج التقاط صور جميلة لمشاهد القرى الجنوبية الرائعة، فغابت عنه حركة وتجسيد الممثلين وإدارتهم أمام الكاميرا وخلال قراءة النص، في بعض المشاهد الممثل يؤدي كما يشتهي هو لا كما يتطلب النص والمشهد، والغريب أن البعد الدرامي الركيك والهجين رافق العمل إلى لحظة كتابة هذا النص، وربما إلى الحلقة 8 بدأنا نشعر بأننا نتابع عمل درامي وقصة تاريخية ولكن!!
العمل كبير ويتحدث عن مرحلة تاريخية غيبت عمداً وحساسة في يد الصغار في الفن، يحتاج إلى مخرج يدرك ماذا ينقل، وما الهدف من كل حركة تلتقطها الكاميرا، ومتابعة تداعيات الأحداث، فأخطاء المشاهد كانت كثيرة كأداء وكحدث درامي لا علاقة له بسياق ما سبق، وأيضاً يتطلب كتابة مدركة بأنها تكتب سيناريو تلفزيوني وليس خبرية قصيرة أو سيناريو ذهني يصلح للإذاعة، الشخوص ظهرت كرتونية تصلح للورق لا للمشاهدة، لا أبعاد فيها ولا عمق إنساني واجتماعي، مجرد سالفة ليس أكثر، أما المعارك فحدث ولا حرج، كل معارك الشباب المجاهد وقوات السلطنة لم تكن مقنعة وفيها الكثير من الغباء البصري والشكلي وتحتاج إلى إعادة تنفيذ!!
على صعيد التمثيل عمار شلق كان بطل العمل بامتياز، تلاه أحمد الزين وتجربته التي تمكنه من فهم ما سيبوح في مشهد معين أمام الكاميرا، أما مجدي مشموشي فكان ذكياً في اختراع حركات وعادات الشخصية، زخرفها وقدمها بنجاح، وباسم مغنية "أدهم خنجر" لم يقنعنا بأنه يمثل شخصية ثرية وغنية هامة، كان يؤدي الدور لمجرد تمرير مشاهده والسلام، لم يؤثر بنا، ولم ينال عطفنا مع ان العمل أقيم لأجل هذه الشخصية التي ظلمت نصاً وتمثيلاً كما ظلمت في حياتها ومقاومتها واستشهادها وسيرتها، ولم يتميز مع إنه فنان متمكن، لكنه خذل الشخصية في "قيامة البنادق"!!
الخطأ الأكبر تجسد في ملامح السيد عبد الحسين شرف الدين على إنها السيد حسن نصر الله، هذا خطأ وهنالك صور واضحة لشخص السيد شرف الدين كان الواجب التعامل معها بمسؤولية أكبر وأن يبعدوها عن رمزية شكل السيد حسن وهذا لا يلغي أن علي سعد لعبها بإتقان وفهم لحدودها!!
الخليجي
لم يلتفت الخليجي إلى المنافسة رغم المشاركات العربية فيه، مكتفياً بما لديه وما يستطيع تقديمه، وأغلب ما قدمه كان كوميدياً، والحدث الأول فيه كان لقاء عبد الحسين عبد الرضا مع ناصر القصبي في "أبو الملايين" عمل خفيف نظيف أعاد وهج موهبة عبد إلى الواجهة بعد أن قدم بعض الإعمال التي لم تحقق الكثير من النجاح، عبد الحسين هنا يجدد شبابه في النجاح، بينما ناصر لم يخسر في ابتعاده عن "طاش" بل كسب مرحلة جديدة قدمته في دور مركب وجميل، هذا العمل سيكتب له النجاح بعد شهر رمضان لكونه سيعرض في أكثر من قناة.
والحدث الثاني كان عودة الثنائي حياة الفهد وسعاد عبد الله في " البيت بيت أبونا" بخلطة اجتماعية في تفاصيل تتطلب ألأكشن التلفزيوني، وقد تفوقت حياة في لعب الدور ببساطة وعفوية، كما تميزت سعاد باستخدام خبرتها ورشاقتها حتى خرج العمل مختلفاً عن كل ما قدم خليجياً وعربياً، هذا العمل بصمة في مرحلة حساسة من العمل الكوميدي الخليجي!!
"محال" تأليف وائل نجم وإخراج سلطان خسروه، بطولة لاميتا فرنجية وجاسم النبهان ومنى شداد ومحمود بوشهري، العمل متواضع جهداً وتنفيذاً، ويجاريه بالتواضع مسلسل "يا مالكاً قلبي" بطولة ريتا حايك وشذا حسون، أما "لن أطلب الطلاق" يؤكد حضور ومثابرة هدى حسين التي تعرف تختار ما يناسبها في هذه المرحلة، عمل اجتماعي