مقالة أبونا فادي نصار عن حلقة جهاد أيوب في راديو فان مع هلا حداد أنشرها كما هي

بقلم|| فادي نصار

جهاد أيوب صحافي، وناقد، وأديب وفنان تشكيلي، باختصار هو صوت صارخ في قحط وجفاف هذا الوطن واسمه لبنان، هو واضح، واثق ويخاف الرب، دائماً يبهرنا حينما يطل علينا بكلماته وجُمله الإنسانية ليدّوي بصداها احاسيسنا وقلوبنا، وفي حواره الاخير عبر "راديو فان" مع الإعلامية هلا حداد كان مختلفاً عن الجميع كعهدنا به، وعندما سألته حداد "من انت؟" أجاب: " انا جهاد أيوب مواطن غريب في وطنه"... انها كلمات كادت تخنقني لتجعلني اتذكر قول السيد المسيح: "لا كرامة لنبي في وطنه"، وليختصر نقطه مهمة في الفلسفة الروحية السماوية، جواب أيوب يختزل حضورنا في وطن يشبه الكذبة، إنها بداية صافعة رائعة ساقته للتحدث عن كتابه الاخير من "أنت ؟" بكل شفافية ووضوح وعمق!!
[*]أيوب يعرف ماذا يكتب/ وماذا يقول، وبسرعة اخذ الكاتب جهاد يبحرُ كبحار ماهر في فلسفة كتابه، والوقوف على معانيه، ومن خلال متابعتي للحوار تعمقّ الاستاذ جهاد بكثير من المواضيع الانسانية التي نفتقدها في ايامنا الحالية، انه محاور ليس باعتيادي لا يمثّل ولا يتصنّع، يتكلم بصدق وبقلب مفتوح لم يعتد عليه المجتمع اللبناني بعد, وأدهشني حينما قال:" اخطر ما يعانيه مجتمعنا أمية المتعلم" نعم إنها دلالة عن بداية نهاية الإنسان فإذا كان المتعلم أمياً وغبياً فعلى الدنيا السلام!!.

وقد تابع حواره ونحن نرتوي أكثر بماء الحقيقة من فكر جهاد، وقال:" انها امة ظالمة تعيش في الظلمة"، لذلك سيجد أيوب الكثير من الجدل حول كتابه لأنه صفعهم، ووضع النقاط على الجروح والحروف، وقدم الدواء من خلال العودة إلى الرب, كتابه يعكس انسان يقف امام المرأة ويشاهد نفسه, انها تراكمات انسانية تنطلق من جهاد ايوب من تجارب عايشها واكتشف ان اكثرنا لا يفقه من هو ؟ هو لا يكتب الا بمسؤولية, انها اسئلة بسيطة تتضمن الكتاب، ولكنها عميقة، وضعها جهاد لكي يجعلنا نسأل انفسنا من انا من نحن ؟ انه كتابي وكتاب جهاد وكتاب كل شخص يقرأه فجهاد يهتم بما يحدث في محيطه وبأدق التفاصيل, تطرق الى الروح والنفس والاعتراف فالروح ترجع الى خالقها بينما النفس تصبح ماء كما قال، و أضاف أن الروح المسالمة والارواح الشريرة صناعة تصرفاتنا ...كما أشار إلى ان رجل الدين القريب من الله لا يؤمن بالقتل, والدفاع عن الارض والنفس امر مباح, والانظمة العربية انظمة تعيش في عقدة البركة وركيكة متطرفة وساذجة ، وقد تألق في طرحه واستنتاجاته في الصراح، وقال:" حينما يحدث الصراع بين الروح والنفس تصبح رائحة البشر كريهة", انه تعبير قاله أيوب، وشدد على ان يضع الانسان أمامه هدفا ويحققه, لذلك كتابه هو فخوخ, وصراع ومقاومة تشمل الانسان وتفرض حضورها لو لم اعترف بها الأخر...

جهاد المنسجم مع نفسه قال:" إننا جميعنا نعاني من مشاكل نفسية, فجميع الافكار الدينية سقطت في تواصلها مع الناس، وكذلك الافكار الحزبية الاشتراكية القومية والبوذية الهندوسية ..., فالدين لم يفشل بل فشل المتدينون, الكل يقول بالله ولكن حينما نصل الى الدماء وقتل الروح يعني فشل فكرنا وفشل الانسان فينا، السلوك هو الاهم . وما أروع أيوب حينما فسر الاختلاف بين الشرق والغرب, فالشرق هو خزان للفكر والأنسة وقد استغله الغرب واستعمرونا واستحقرونا واستحمرونا ونحن نبتسم, وتابع بثقة ان الحرية في الغرب كذبه فيستطيعون هناك مثلا ممارسة الجنس في الشارع ويشتمون الرئيس الأميركي علناً، ولكن لا يستطيعون انتقاد سياستهم الخارجية أو اليهود على الرغم من الحرية التي يتشدقون بها في الغرب.., انهم يستغلون شعوبهم لأسباب اقتصادية ليس أكثر, فالغرب كما قال يحكمه شركات صناعة السلاح، كما أدهشني أيوب من خلال طروحاته الجديدة حول مفهوم الحرية والحقيقة، وهذا يتطلب وقفة خاصة وموسعة يكفيه استنتاجه بأن لا حرية مطلقة وهي قيد ومسؤولية... وخلال الحديث قال الاستاذ جهاد انه ينتظر حدث من الله, هو يؤمن بالله وينتظر معجزة من الله, كما تحدث عن الفرق بين الحرية والحقيقة، معتبراً أن الحرية والحقيقة يلتقيان, فالحرية مرحلة معينة تسرق بعد فترة اما الحقيقة مراحل تبقي لكنها تؤجل, فالحقيقة تعتمد على الفكر، والحرية تعتمد على الثورة, بعض الثوار نجحوا في ثوراتهم لكنهم فشلوا في الحكم, لا يوجد حرية في المطلق, فتطبيق الحرية دكتاتورية, الحقيقة تبقي ما بين الكتب وبين الحوارات الضيقة. وعن تحرر الذات والتحرر يشكل عام اوضح بوجود هوة، وأن التحرر انواع، وتاريخنا فيه اشراقات شمسية ضئيلة تجعلنا ندرك ان الحرية فشلت عندنا، المسيحي يقول انا معي حق - المسلم كذلك الامر واليهودي أيضا, ونصل الى ان نقتل ونذبح بعضنا!! كيف نقول معنا الحق ونحن نقتل بعضنا؟!!

, ونقتل الاخر ؟!!,

لذلك هذا الكتاب هو قارئ يعكس شخص الانسان لنصل إلى الأنسنة - وبحديثه عن الاحتقار اعترف الاديب جهاد ايوب بأنه يحتقر الأعراب والصهيونية وداعش وجبهة النصرة وكل الذين يتعصبوا في حمل الصليب بل يجب ان يحملوا الصليب للتسامح, فالقيمة الفكرية هي بالحوار الذي يحصل وليس بالتعصب! هذا جهاد أيوب الذي احيانا يكون مغرور "ولازم يكون مغرور", يحب الرسم والكتابة, يحب المصاري لأنه يحتاجها, لا يبيع نفسه لأجل المال وحدث وطلب منه ان يبيع قلمه وجسده ورفض.

- تحدث عن الالم الجسدي الذي يسببه الجلوس في المنزل, لا زال يجاهد في الحياة ويعطي البركة لأولاده, تحدث عن الضمير وصاحب الضمير يستوعب ولا يقتل ويعترف بحرية الاخر, تحدث عن الانسان المسيّر والمخيّر، فالطفل الرضيع في رحم الام مسير, ولحظة البلوغ وبعدها مخيّر، وتطرق الى ان من اللازم ان يزعج الانسان نفسه لكي يكشف ما بداخله، انها فلسفة الاستاذ جهاد جعلتني اتذكر نفس القول الذي عبر عنه المتنور الهندي اوشو, لذلك جهاد كتاب مفتوح لحدود الهبل كما قال, لكنه منسجم مع نفسه خاصة حينما اعترف بأن الحقد يقتل الروح والحقد يعذب النفس، والتصرفات التي تصدر عنا هي من الداخل, والطاقة تغذي الروح والنفس وروحك قوية ونارية , تحدث ان الجنس قالت عنه الديانات , ف75 % من العرب تفكيرهم بالجنس وبالغرب يسهلونه كي يبعدوا الناس عن حقوقهم, الجنس الممنوع والمفرط والمفضوح يؤدي الى عقد نفسية, اغلبية القادة عندهم عقد جنسيه من لواط وشبق كل واحد حر بنفسه ولكن عليك ان لا تؤذيني بالمشكلة التي عندك، وأنه لا يثق كثيرا بالناس ويثق كثيرا, لقد لقمونا وشربونا بالشاي بعض الامور الطائفية . واخيرا انه جهاد ايوب الذي يدعونا الى عدم الخوف من ذواتنا انه مثل الصبوحة- في كتابه -انه جهاد ايوب الهارب من الشمس الذي اصيب بغيبوبة وفكر بالانتحار ليرحل من عالم مصاب بالقحط الفكري والانساني، سُرق في احدى الدول الخليجية، وخسر كل ثروته وعاد ووقف منتصباً, انه جهاد ايوب القائل انا اكتب اقرأ اشاهد واتابع .., انه جهاد ايوب الذي اراد ان يعيش في النهار لا في الليل ... جهاد أيوب في حواره مع "راديو فان" كان متواضعاً واثقاً وثائراً مؤمناً وواضحا وصريحاً، وهلا حداد كانت مشاكسة تعرف ماذا تسأل، وما بين فكرها، وهي لسان حالنا...