بقلم || جهاد أيوب من المعلوم أنّ غالبية الشارعالمصري تتأثر بما يقدمه لها إعلامها، وبعد اتفاقية «كامب ديفيد» لعب الرئيس أنورالسادات على عزل الإعلام المصري وأبعده عن الإعلام العربي والغربي، راسماً في ذهنهفكرة «نحن أو لا أحد»، ما أوجد حالة شعبية متطرفة إعلامياً.
وفيمنتصف عهد حسني مبارك أخذ الإعلام الخاص مساحة لا بأس بها من الوجود والحضور، وبماأنه إعلام مملوك لشخصيات مقرّبة وتابعة للسلطة آنذاك، ظلّ أميناً في خطابه المشابهلنتاج النظام وتعصّب أكثر في مدح «الريس» وسياسته التي لا تعرف الخطأ وتعمّد عدمتغطية ما ارتُكب من أخطاء وفساد وسرقات في الدولة، ومن أجل إلهاء الناس بعيداً عنسياسة النظام الخارجية والداخلية أخذ هذا الإعلام يدعم وتيرة التعصّب الرياضي حتىالقتل، والعنصرية الإعلامية المخيفة وفضح الفنانات وتداول أخبار مشاكلهنّ .
وربما واقع الإعلام المصري بان في شكل مؤلم بعد أن دخلتشارعه تحركات شعبية منها ما هو عفوي، ومنها ما هو مدروس ومخطط بأموال عربيةوسياسات غربية، وأطيح بالرئيس مبارك، وتسلّم في ليلة من غير قمر الإخونجي محمدمرسي وأطيح به أيضاً في غفلة من تحرّك الشارع. ومع ذلك لم يتنبّه الإعلام المصريبغالبيته ولم يستفد من مواكبة شارعه، واستمرّ في وتيرة عمله السابق في ما مضى منعهود ثلاثة !!
ومنذ أيام بدأت في المحروسة انتخابات رئيس البلاد،سبقتها حملات مدفوعة وخصوصاً للمرشحَين، واللافت أنّ أحد المرشحين استغنى عن حملتهالخاصة، ومقاره الانتخابية، ولم يتواصل مع الشباب المصري، الذي حرك أرضية النزولإلى الساحات وعرّف الكثير على كيفية اكتشاف الصوت، وأقصد هنا اللواء عبد الفتاحالسيسي الذي تعامل مع الانتخاب على أنه الأوفر حظاً بالرئاسة وبشكل قاطع، لذلك تركحركة إعلام السلطة تجول وتتصرّف بمنهج ما كان أيام أسلافه، بينما حمدين صباحي لميوفق في خطابه الإعلامي في شكل كبير ولم يكترث لضرورة أن يكون الخطاب الإعلاميمختلفاً ومتطوّراً ينسجم مع تطلعات المثقف والشباب المتعلم، ما أثر في حركة تجاوبشارعه معه !!
ما حدث في الإعلام المصري خلال الانتخابات الرئاسية لايبشر بنهضة واعية لدور الإعلام ما بعد التحركات الشعبية، وكلّ ما تابعناه وجدناهيخاطب غريزة شارع محمد علي، رقص شعبي في كلّ إعلانات المرشحين وغناء شبيه بأغنيات«شعبولا» التي لا تعرف بداياتها من نهاياتها وحوارات ممجوجة متعصّبة لم تخدم أيقضية ولم تطرح أي برنامج انتخابي، وللأسف تعامل الجميع مع المرشح كفرعون لا يعرفالخطأ في الخاص والمملوك منه !!
الإعلام المصري بعد هذه التجربة الفضائحية في مفهومالعمل الإعلامي يحتاج بغالبيته إلى ثورة ذاتية تعيده إلى رشده وتعلّمه من ماضيه،وتضعه في صفّ التنافس والمنافسة والبحث عن الحقيقة لا عن غريزة بحجة الوطن وعنصريةبحجة الولاء وفوقية تستمدّ انتشارها من الرقص واللون الشعبي في غناء لم يعد يواكبجيل الشباب. وفي اعتقادنا إنّ عدم مشاركة الشباب في إعطاء أصواتهم يعود في الدرجةالأولى إلى ما وصلت إليه غالبية الإعلام المصري، والطريقة اللامسؤولة في طرحالأمور، والسير على خطى أنّ الغالبية الشعبية مع هذا وتحبّ ذاك، فهذه نظرية لاإعلام فيها، والخواء الإعلامي يحتلّ مساحتها، وتلغي دور الإعلام من أساسه، ولاننسى أنّ المرشحيْن السيسي وصباحي تعمّدا أن يبقى إعلامهما كما هو… وقفة تأمّلوتنبّه إلى أنّ البلد اليوم يختلف عن السابق، وما قدّم بالأمس لا يقدم الآن ويجبألا يقدم، بل هو حالة نتعلم منها لربما استفدنا في أن نكون نحن لا أن نكون غيرنا!!
جريدة البناءأيار 29, 2014 عربيات ودوليات