موضوع: الكاتب يوسف شعبان يقدم بطاقة إعتذار للصبوحة الإثنين فبراير 25, 2013 10:24 pm
الكاتب يوسف شعبان يقدم بطاقة إعتذار للصبوحة
أعترف، على رؤوس الأقلام، بأنني ساهمت، لا بل كنت من أوائل المساهمين، في الحملة الساخرة ضدها، حيث ابتكرت قبل عشرين عاما صفحة ساخرة، تضع عناوينا لصحف المستقبل- كان ذلك عام 1993 وكنت اتحدث عن عام 2000- وكتبت في أحد العناوين المستقبلية: "(وفاة المطربة صباح بعد معاناتها من حمّى النفاس)، والكثير من العبارات المشابهة.
وقد شاركت أيضا في تكرار النكات الطازجة التي كانت تظهر حولها، مثل ذلك السؤال غير البرئ وجوابه:
- ما هو وجه الشبه بين حزب الله اللبناني والمطربة صباح؟.
الجواب:
- صباح عملت "عمليات" اكثر.
وذلك في اشارة الى العمليات الجراحية التجميلية التي كانت صباح تجريها على جسدها لتبدو أكثر شبابا.
ومن ذات المنطلق انتشرت نكتة أن صباح شكرت الطبيب الذي أجرى لها إحدى العمليات، لأنه وضع لها "غمازة" في دقنها دون أن تطلب منه ذلك.
فقال الطبي:
- عفوا مدام..هذه ليست غمازة..هذه "سرتك" وصلت الى هنا بعد عمليات التجميل.
وهناك طبعا النكات التي تتحدث عن زواجها وأزواجها الشباب الذي يقاربون عمر أحفادها. على كل هذا المقال لا يقصد تعداد ما قيل حولها من نكات ونهفات وطرف وملائح، لا بل أنه يقصد الإعتذار لأن مقترف هذا المقال، شارك -ولو جزئيا- في بوقة الساخرين من المرحومة(تجوز الرحمة على الأحياء).
طبعا، عرفتم أنني أتحدث عن الشحرورة صباح، التي لا يكاد يمر شهر دون أن تنضح وسائل الإعلام بخبر يدّعي وفاتها، لكأنها تعيش عالة على الأمة العربية، أو لكأنها كانت السبب المباشر في ضياع فلسطين ولواء الأسكندرونة وسبتّه ومليلة والجزر الثلاث ومضيق باب المندب وغيرها من "ضياعات العرب". وكان آخرها -قبل كتابة هذا المقال وليس قبل نشره- خبر وفاتها في 14شباط الحالي، تحديدا في عيد الفالنتاين المسمى، جدلا، عيد الحب.
أدين نفسي قبل أن أدين أحدا، وأعترف أن المرحومة التي ما تزال حية، أفضل منا وأكثر إنسانية وحبا للناس، وأعترف انها من القلائل، لا بل من الندرة في العالم العربي، الذين يتقنون الحياة..نعم الحياة بكامل معانيها من أفراح ودهشة وتجديد ومغامرة.
من لا يصدقني، فليستمع الى مجمل أغاني صباح، سيكتشف أن معظم أغانيها -إن لم تكن جميعها- تكرس الفرح وحب الحياة والبهجة الدائمة والإحتفال المستدام في الحب والعشق، بدون نواح ولا تنكيد، مثل معظم أغانينا الطربية التي تزخر بالفراق المر وألم الإبتعاد عن الحبيب، والوحدة والليل القاتل، والمراسيل البكائية و"هاتولي الحبيب"، لكاننا نشتغل في الدرك لجلب الفتاة الى عاشقها المرتمي بإنتظار إحضار الحبيبة مخفورة الى جنابه.
إنها ذات العقدة النفسية التي كانت تعاني منها قبيلة (عذرة) العربية، حيث يتشبب الرجل بحبيبته ويفضحها بين القبائل، ثم يعاني من فراقها،لأن أبيها يرفض تزويجه إياها، ولو سمح له ولي الأمر بالزواج منها لابتكر معيقات اخرى، حتى يستمر في النواح على حبه الضائع.
نحن شعب لا يتقن الحياة، ويسخر ممن يتقنها،لذلك فقد سخرنا وما نزال من الشحرورة، لأنها تمثل كل ما ينقصنا، لذلك نبتكر كل فترة نبأ وفاتها، حتى نخلص منها، ومن وجع القلب لأنها تذكرنا بما نحن من بؤس وكره للحياة ولجميع عشاق الحياة، في كل زمان ومكان.
الرائعة صباح..أعتذر منك، عني وعنهم،..فإنهم لا يدرون ماذا يفعلون!!